القاهرة: الأمير كمال فرج.

يرى علماء أن نهاية الكون، الذي يبلغ عمره الآن حوالي 13.8 مليار سنة، أقرب مما كنا نتصور، وأن هذه النهاية ستأتي بطريقة دراماتيكية عندما تنطفئ النجوم وتتبدد جميع المادة والطاقة، ويؤول الكون إلى فراغ بارد ومظلم – "موت حراري".

ذكر جيمي كارتر في تقرير نشرته مجلة Forbes  إن "فريق من العلماء – خبير في الثقوب السوداء، وفيزيائي كمي، وعالم رياضيات – ذكروا أن هذا التاريخ سيكون رقمًا يصعب تصوره – واحدًا وأمامه 1100 صفرًا. ومع ذلك، فإن أحدث أبحاثهم تقلل هذا الرقم بشكل كبير. فإذا كانت نتائجهم صحيحة، فقد تنتهي الحياة في الكون أقرب بكثير مما كان يعتقده العلماء. لكن الرقم الجديد لا يزال يصعب تصوره بنفس القدر – واحد وأمامه 78 صفرًا".

لماذا سينتهي الكون أبكر من المتوقع؟

التفسير البسيط هو أن الكون سينتهي أبكر مما كنا نعتقد لأن الأقزام البيضاء – البقايا الكثيفة والساخنة لنواة النجوم والتي تعتبر أكثر الأجرام السماوية بقاءً – يمكن أن تتبخر في حوالي (10^{78}) عامًا. ويأخذ هذا في الحسبان إشعاع هوكينج، وهي نظرية طورها الفيزيائي ستيفن هوكينج في عام 1975 تفترض أن الثقوب السوداء يمكن أن تتحلل.

وبتطبيق هذه النظرية على أجسام أخرى، وجد البحث الجديد الذي أجراه العلماء هاينو فالكه، ومايكل ووندراك، ووالتر فان سويجليكوم في جامعة رادبود في نايميخن، هولندا، أيضًا أن النجوم النيوترونية (بقايا المستعرات الأعظمية الكثيفة) والثقوب السوداء النجمية (الناتجة عن انهيار النجوم الضخمة) تستغرق (10^{67}) عامًا لتتحلل. كما حسبوا أن القمر والبشر سيتبخرون في (10^{90}) عامًا.

وقال فالكه في بيان صحفي: "النهاية الحتمية للكون تأتي أبكر بكثير مما كان متوقعًا، ولكن لحسن الحظ، لا يزال الأمر يستغرق وقتًا طويلاً جدًا".

الموت الحراري للكون

يتوسع الكون بوتيرة متزايدة، مدفوعًا بقوة غامضة تسمى الطاقة المظلمة. وكتبت الدكتورة كاتي ماك، مؤلفة كتاب "نهاية كل شيء"، لمجلة National Geographic في الشهر الماضي: "في المستقبل البعيد جدًا، سيؤدي هذا التوسع المتسارع إلى إفراغ الكون حتى لا يبقى فيه شيء أساسًا". "تنطفئ النجوم، وتتحلل المادة، وتتبخر الثقوب السوداء، وفي النهاية لا يتبقى سوى عدد قليل من جسيمات الضوء المتناثرة التي تنشر حرارة النفايات الناتجة عن كل الخليقة." يعتمد ما سيحدث للكون على التوازن بين المادة والطاقة المظلمة.

هذه هي نظرية الموت الحراري الكلاسيكية لنهاية الكون عندما يصبح باردًا جدًا ويفتقر إلى الطاقة بحيث لا يمكن أن تحدث أي عمليات أخرى. ومع ذلك، كما تقول ماك في كتابها، هناك بعض الطرق الأخرى التي يمكن أن ينتهي بها الكون:

1ـ الانسحاق الكبير (Big Crunch): ينهار الكون على نفسه بسبب الجاذبية.
2ـ التمزق الكبير (Big Rip): يتوسع الكون بمعدل متسارع، مما يؤدي إلى تمزقه.
3ـ الارتداد الكبير (Big Bounce): ينهار الكون ثم يتوسع مرة أخرى، ربما في عملية دورية.
4ـ تحلل الفراغ الكاذب (False vacuum decay): يؤدي تحول كمي في قوانين الفيزياء إلى حدث كارثي.

موت الطاقة المظلمة

قد تكون هناك الآن طريقة سادسة جديدة. يقوم جهاز مطياف الطاقة المظلمة (DESI) في مرصد كيت بيك الوطني في أريزونا بقياس تأثير الطاقة المظلمة، وهي قوة غامضة تدفع التوسع المتسارع للكون. وبعد ثلاث سنوات، درس الجهاز ما يقرب من 15 مليون مجرة وكوازار (نوى فائقة السطوع في مراكز المجرات) لإنشاء أكبر خريطة ثلاثية الأبعاد للكون على الإطلاق. تشير البيانات إلى أن الطاقة المظلمة ليست ثابتة بل تتطور.

يتحدى ذلك النموذج القياسي الحالي لعلم الكونيات ويشير إلى أن مستقبل الكون غير قابل للتنبؤ. وقال البروفيسور عوفر لاهاف من قسم الفيزياء والفلك في جامعة كاليفورنيا لندن، وهو متعاون في مشروع DESI وعضو في لجنته التنفيذية، في بيان صحفي في مارس: "إذا كانت الطاقة المظلمة ثابتة، فسيستمر الكون في التوسع بمعدل متسارع إلى الأبد. وإذا تطورت مع مرور الوقت، فإن مصير الكون يصبح أكثر غموضًا".