القاهرة: الأمير كمال فرج.
يُعاني أكثر من نصف الموظفين الآن من التصدع الصامت، وهو شكل صامت من أشكال عدم الانخراط يُضعف الإنتاجية. على عكس "الاستقالة الصامتة"، حيث يضع الموظفون حدودًا عمدًا من خلال القيام بالحد الأدنى المطلوب، يُمثل التصدع الصامت حالة مستمرة من عدم الرضا في مكان العمل، مما يؤدي تدريجيًا إلى انخفاض الأداء وانخفاض الإنتاجية والاستقالة.
ذكرت كارولين كاستريون في تقرير نشرته مجلة Forbes إن " 54% من الموظفين وصفوا علاقتهم بأصحاب العمل بأنها تصدع صامت، حيث يُعاني واحد من كل خمسة منهم منها بشكل متكرر، وفقا لبحث أجرته شركة TalentLMS، وتُقوّض هذه الظاهرة المبادرات وتُؤدي إلى دوران غير متوقع للوظائف، لأنها غالبًا ما لا تُكتشف إلا بعد حدوث ضرر كبير".
فيما يلي سبعة من أكثر سلوكيات التذمر الصامت شيوعًا والتي تُدمر الإنتاجية، وكيف يُمكن للقادة مُعالجتها:
1. انعدام الأمن الناتج عن نقص التدريب
أظهرت الأبحاث أن الموظفين الذين لم يتلقوا تدريبًا خلال العام الماضي أكثر عرضة بنسبة 140% للشعور بعدم الأمان الوظيفي. يتجلى هذا الشعور بعدم الأمان في التردد في تحمل مسؤوليات جديدة، والتردد في تقديم أفكار جديدة، وتجنب المشاريع الصعبة.
كيفية حل هذه المشكلة:
كافح التذمر الصامت من خلال وضع برامج تعليمية مُستمرة مُخصصة لكل وظيفة، تُعالج فجوات المهارات، مع التركيز على الأدوات والعمليات المُحددة التي يستخدمها فريقك يوميًا.
طبّق وحدات تعليمية مُصغّرة (15-20 دقيقة) حول الأدوات الجديدة وميزات الذكاء الاصطناعي التي تُراعي الجداول الزمنية المُزدحمة مع بناء المهارات الأساسية.
تتبع معدلات الإنجاز وربط أهداف التعلم بأهداف الأداء حتى يُدرك الموظفون كيف يرتبط تطوير المهارات بتحسين الإنتاجية والتطوير الوظيفي.
2. غموض الوظيفة والتوقعات غير الواضحة
تُشير البيانات إلى أن 15% من الموظفين لا يفهمون وظيفتهم بوضوح في بيئة عمل تعتمد على الذكاء الاصطناعي. يُهيئ هذا الغموض بيئةً خصبةً للانقطاع عن العمل، حيث غالبًا ما يقتصر الموظفون الذين يفتقرون إلى توجيه واضح على المهام المألوفة لهم فقط، متجنبين بذلك المسؤوليات الجديدة القيّمة التي قد تزيد الإنتاجية.
كيفية حل هذه المشكلة:
عالج الانقطاع عن العمل بتحديث أوصاف الوظائف بانتظام مع تغير الأدوات والعمليات، وتوضيح كيفية تطور كل دور عند تطبيق التقنيات الجديدة.
عقد اجتماعات ربع سنوية تُركز حصريًا على وضوح الأدوار، وترتكز على الفهم المتبادل للتوقعات والمسؤوليات.
نشر خرائط عمليات واضحة لسير العمل الجديد، تُظهر بصريًا كيفية اندماج المساهمات الفردية في النظام الأكبر.
3. العبء الزائد الناتج عن سوء إدارة عبء العمل
تكشف النتائج أيضًا أن 29% من الموظفين يُبلغون عن أعباء عمل لا يُمكن إدارتها خلال فترات التحول التكنولوجي. يُساهم هذا العبء الزائد بشكل مباشر في الانقطاع عن العمل، حيث يُصاب حتى أكثر أعضاء فريقك تفانيًا بالإرهاق في النهاية عند مواجهة مطالب مُلحة وساحقة دون موارد أو دعم كافٍ.
كيفية حل هذه المشكلة:
أجرِ عمليات تدقيق دورية لتحديد الأعمال منخفضة القيمة واستبعادها، مع الحرص على إلغاء أو أتمتتها أو تفويض الأنشطة التي لا تُسهم في تحقيق الأهداف الرئيسية أو أهداف الإنتاجية.
طبّق "أيام تركيز" بدون اجتماعات لإتاحة العمل المُكثّف على المشاريع المُعقّدة التي تتطلّب اهتمامًا مُستمرًا.
استخدم أدوات تخطيط القدرات لموازنة عبء العمل على مستوى الفريق، وإعادة توزيع العمل قبل حدوث الإرهاق.
4. العزلة ونقص الدعم
غالبًا ما تظهر أولى علامات الانهيار الصامت على شكل انخفاض في التعاون والانسحاب من تفاعلات الفريق. تُشكّل هذه العزلة حلقة تغذية راجعة خطيرة. فالموظفون الذين يشعرون بضعف التواصل يُشاركون أقل، مما يزيد من شعورهم بالعزلة ويُؤدّي إلى تآكل مُستمر في الإنتاجية.
كيفية حل المشكلة:
جدولة اجتماعات فردية أسبوعية تُركز على الرفاهية، بالإضافة إلى مناقشات المشاريع، بدءًا من طرح الأسئلة حول التحديات التي يواجهونها والدعم الذي يحتاجونه للحفاظ على الإنتاجية.
إطلاق برامج إرشاد الأقران أو "الصداقة" التي تُتيح فرصًا مُنظمة للتواصل، وتوفر مساحات آمنة لمناقشة المشكلات قبل بدء الخلافات.
إنشاء قنوات غير متزامنة لتحقيق مكاسب سريعة وتشجيع أعضاء الفريق على تقدير مساهمات بعضهم البعض، مما يُعزز الروابط التي تمنع الخلافات وتُعزز الإنتاجية.
5. الخوف والارتباك حول الذكاء الاصطناعي
وفقًا لاستطلاع حديث أجرته مؤسسة Pew للأبحاث، أعرب أكثر من نصف الموظفين (52٪) عن قلقهم بشأن التأثير المستقبلي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مكان العمل، ويعتقد 32٪ أنه سيؤدي إلى انخفاض فرص العمل المتاحة لهم على المدى الطويل. يتجلى هذا الخوف في التردد في تبني أدوات جديدة، وتجنب فرص تطوير المهارات التي قد تجعل الأدوار أكثر اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي، وتراكم المعرفة المتعمد ليبدو الأمر لا غنى عنه، وزيادة التغيب عن العمل.
كيفية حل هذه المشكلة:
• إطلاق جلسات تثقيفية حول الذكاء الاصطناعي لجميع الموظفين، تُبسط التقنيات بلغة واضحة، مع التركيز على الفهم بدلًا من الخبرة التقنية لتقليل حالة عدم اليقين التي تُغذي التكهنات.
• التزم بالشفافية بشأن المهام التي ستُؤتمت مقابل المهام التي ستُعزز، مع خرائط تفصيلية توضح كيفية تطور المسؤوليات الحالية، وكيف يُمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز الإنتاجية بدلًا من تهديد الوظائف.
• إشراك الموظفين في مشاريع تجريبية للمشاركة في تصميم سير عمل الذكاء الاصطناعي، مما يساعدهم على تطوير فهم عملي للتكنولوجيا وامتلاكها.
6. عدم اليقين الوظيفي وركود النمو
في حين تؤكد دراسة TalentLMS أن 82٪ من الموظفين يشعرون بالأمان في وظائفهم الحالية، تنخفض ثقتهم إلى 62٪ عند سؤالهم عن مستقبلهم في شركتهم. هذا الانفصال بين الأمان الوظيفي على المدى القصير والنجاح المهني على المدى الطويل يخلق فرصة مثالية لظهور التصدع الصامت.
كيفية حل هذه المشكلة:
• تحديد مسارات وظيفية واضحة تُظهر إمكانيات التقدم، خاصةً مع تطور الوظائف مع دمج التكنولوجيا.
• إجراء محادثات ربع سنوية للتطوير الوظيفي منفصلة عن تقييمات الأداء، مع التركيز فقط على فرص النمو.
• إنشاء برامج إرشاد تربط الموظفين بالقادة الذين يمكنهم مساعدتهم على شق طريقهم نحو التقدم الوظيفي في البيئات المتغيرة.
7. الانفصال الإداري والمخاوف غير المسموعة
تكشف النتائج أيضًا أن 47٪ من الموظفين الذين يعانون من التصدع الصامت أفادوا بأن مديريهم لا يستمعون إلى مخاوفهم. تمنع هذه الفجوة في التواصل التدخل المبكر حيث يتوقف الموظفون عن الإشارة إلى المشكلات، مما يخلق نقاط ضعف للقيادة حتى يصبح التصدع الصامت حادًا بما يكفي للتأثير على الأداء والإنتاجية.
كيفية حل هذه المشكلة:
• تدريب المدراء على تمييز العلامات المبكرة للانقطاع الصامت، مثل انخفاض المشاركة في الاجتماعات أو انخفاض التعاون التطوعي.
• توفير قنوات ملاحظات مجهولة المصدر، حيث يمكن للموظفين التعبير عن مخاوفهم بأمان دون خوف من العواقب.
• إنشاء "جلسات استماع" منظمة، حيث يمارس المدراء الاستماع الفعال دون التسرع في طرح الحلول.
من الانقطاع الصامت إلى المشاركة المستدامة.
يمثل الانقطاع الصامت فقدانًا تدريجيًا للمشاركة، والذي يؤدي، إذا تُرك دون علاج، إلى انخفاض الإنتاجية، وكبح الابتكار، وفي النهاية إلى الاستقالة. والخبر السار هو أنه يمكن عكس هذه الدورة من خلال القيادة الاستباقية. تذكر أن الانقطاع الصامت ليس انعكاسًا لشخصية الموظف أو التزامه، بل هو مؤشر على وجود مشكلات منهجية لديك القدرة على معالجتها. باتخاذ إجراءات حاسمة بشأن هذه السلوكيات، لن تنقذ إنتاجية فريقك فحسب، بل ستضع أيضًا الأساس لمؤسسة مزدهرة ومستعدة للمستقبل.