القاهرة: الأمير كمال فرج.
مع انتشار الذكاء الاصطناعي في السوق على نطاق واسع خلال أقل من ثلاث سنوات، سارعت الشركات في جميع الصناعات تقريبًا إلى تبني هذه التقنية. ومع ذلك، لا يبشر هذا التوجه بالخير للجميع، فكل تطور جديد يثير قلقًا متزايدًا بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف، خاصة وظائف النساء.
أفاد تقرير نشره موقع Futurism أن "أكثر من 50% من الشركات التي تضم أكثر من 5000 موظف كانت تستخدم الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2024". يرى أصحاب العمل أن الذكاء الاصطناعي يمثل وعدًا بزيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف العامة، أو بعبارة أخرى، تخفيض الأجور التي كانت تُدفع للموظفين البشريين.
وبينما يتزايد قلق العمال حول العالم من مستقبل يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي وتهيمن عليه احتكارات تكنولوجية ضخمة، فإن السباق لتبني الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل يؤثر بشكل ملحوظ على أسواق العمل. فبسبب الذكاء الاصطناعي، وصل عدد خريجي الجامعات الشباب الذين يدخلون سوق العمل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، وتحولت الوظائف ذات الراتب الكامل إلى وظائف مؤقتة، وأصبح الكذب في السير الذاتية هو القاعدة بينما أصبح البحث عن عمل كابوسًا حقيقيًا.
على الرغم من أن أقطاب التكنولوجيا الأثرياء مثل مارك أندريسن قد يوهمونك بأن الأدوات التكنولوجية تمتلك قوة سحرية لتحريرنا جميعًا، إلا أن التاريخ أثبت أن التطور التكنولوجي غالبًا ما يزيد من حدة عدم المساواة القائمة بدلاً من عكسها. وقد لاحظ هذا الاتجاه علماء بارزون من أمثال ألبرت أينشتاين وستيفن هوكينغ، قبل وقت طويل من ظهور الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.
تحيز الذكاء الاصطناعي
لقد أظهر الذكاء الاصطناعي بالفعل قدرًا مفاجئًا من التحيز بين الجنسين والأعراق، وذلك بفضل البيانات التي تم تدريبه عليها. ويحذر الخبراء من أن هذا المزيج من البرامج المتحيزة مع الانتشار العالمي الهائل يؤدي بالفعل إلى الاستغلال.
لذلك، ليس من المستغرب أن الذكاء الاصطناعي من المرجح أن يزيد من الفجوة بين الجنسين في التوظيف، وفقًا لتقرير محدث صادر عن منظمة العمل الدولية (ILO) التابعة للأمم المتحدة.
يستند التقرير إلى تقديرات صدرت في عام 2023 حول مخاطر الأتمتة التي تواجه مختلف الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي. وقد وجد التحليل الجديد أنه في البلدان ذات الدخل المرتفع مثل الولايات المتحدة، ارتفع خطر تعرض النساء "لإمكانات أتمتة عالية" ليصِّل إلى 9.6%، بعد أن كان 7.8% قبل عامين فقط. وهذا يمثل ثلاثة أضعاف الخطر الذي يواجهه الرجال اليوم، والذي يبلغ 3.5%، وقد ارتفع أيضًا من 2.9% في عام 2023.
طبيعة الوظائف المعرضة للأتمتة
ومن المثير للاهتمام أن الدراسة وجدت أيضًا أن واحدًا من كل ثلاثة عمال في البلدان الغنية يواجه "درجة معينة من التعرض" للأتمتة، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ واحدًا من كل أربعة.
يشير تقرير منظمة العمل الدولية أيضًا إلى أن طبيعة الوظائف التي تشغلها النساء بشكل متكرر في الدول الغنية - مثل الوظائف الإدارية، والكتابية، وإدخال البيانات - مهيأة بشكل خاص للأتمتة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وقد لاحظ علماء الاجتماع أن الفجوة بين الجنسين في ساعات العمل قد ضاقت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما يعني أن الرجال والنساء يعملون ما يقرب من نفس عدد الساعات. ومع ذلك، لا تزال فجوة الأجور بين الجنسين قائمة حيث يذهب نصيب المرأة من العمل بشكل أقل نحو الوظائف وأكثر نحو المهام المنزلية مقارنة بالرجال.
مع توقع أن "يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في العمل"، سيتطلب الأمر تغييرًا جوهريًا في بيئة العمل الحالية لحماية النساء من التقشف الذي يدفعه الذكاء الاصطناعي. فهل ستتمكن السياسات الحالية من مواكبة هذا التحدي المتنامي لضمان مستقبل عمل عادل ومنصف للجميع؟