القاهرة: الأمير كمال فرج.
لطالما عُرفت كوريا الشمالية بانغلاقها الشديد وسيطرة نظامها المطلقة على كافة جوانب حياة مواطنيها. وفي ظل سعي الزعيم "كيم جونغ أون" المستمر لفرض هذه السيطرة، تتكشف حقائق صادمة عن آليات عمل هذا النظام، لا سيما فيما يتعلق بالحرب المعلوماتية، فمع ازدياد شعبية الهواتف الذكية، أصبحت هذه الأجهزة وسيلة جديدة يستخدمها النظام لتعزيز نفوذه وتلقين الأفكار، بالإضافة إلى مراقبة أدق تفاصيل التواصل الشخصي.
ذكر تقرير نشره موقع Futurism إن "هذا التقرير يسلط الضوء على هاتف ذكي تم تهريبه من كوريا الشمالية، ويكشف عن مدى التلاعب البرمجي غير المسبوق الذي يهدف إلى قمع حرية التعبير ومحاربة أي تأثير خارجي، في صورة مرعبة تُذكرنا بروايات "جورج أورويل" عن "الأخ الأكبر".
يُحكم الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ أون" قبضته لوقف تأثير وسائل الإعلام الكورية الجنوبية التي غالبًا ما تُهرب عبر الحدود على وحدات تخزين USB وبطاقات SD.
وفقًا لتقارير BBC، فإن متابعة وسائل الإعلام الأجنبية في هذه الديكتاتورية يُعاقب عليه بالسجن وحتى الإعدام. وفي عام 2023، جرّم "كيم" حتى استخدام الكوريين الشماليين للعبارات الكورية الجنوبية أو التحدث بلكنة كورية جنوبية.
يُعد هذا مستوى "أورويلّي" من السيطرة المطلقة على حرية التعبير، ويمتد ليشمل الميزات العميقة للهواتف الذكية المحلية في هذه الدولة المنعزلة. هذا ما كشف عنه هاتف كوري شمالي، حصلت عليه BBC.
كان الهاتف الذكي مبرمجًا لاستبدال الكلمات المحظورة تلقائيًا فور كتابتها، مما يُظهر المدى الاستثنائي لجهود نظام "كيم" في التحكم بطريقة تعبير الناس عن أنفسهم — بشكل حرفي ومذهل.
على سبيل المثال، كلمة "أوبا" الكورية الجنوبية، التي تُترجم مباشرة إلى "أخ أكبر" ولكنها أصبحت مصطلحًا شائعًا لمخاطبة الأصدقاء الذكور الأكبر سنًا أو الشركاء الرومانسيين، يتم تصحيحها تلقائيًا إلى كلمة "رفيق".
"هذه الكلمة يمكن استخدامها فقط لوصف أشقائك"، هكذا تظهر رسالة تحذير تلقائية على الهاتف المهرب عندما يكتب المستخدم كلمة "أوبا".
وتتغير كلمة "كوريا الجنوبية" تلقائيًا إلى "الدولة الجيب"، وهو المصطلح المفضل لكوريا الشمالية للإشارة إلى جارتها الجنوبية، التي تتمتع بحكومة أكثر انتشارًا وعلاقة أوسع مع العالم الخارجي.
والأسوأ من ذلك كله، أن الجهاز يلتقط لقطة شاشة كل خمس دقائق ويرسلها إلى السلطات — وهي ملفات لا يستطيع المستخدم حتى الوصول إليها.
يُبرز هذا البرنامج المدى المدهش الذي يذهب إليه النظام الكوري الشمالي لمكافحة التأثيرات الأجنبية وقمع المعارضة.
وقال مارتن ويليامز، خبير التكنولوجيا الكوري الشمالي، لـ BBC: "أصبحت الهواتف الذكية الآن جزءًا لا يتجزأ من الطريقة التي تحاول بها كوريا الشمالية تلقين الأفكار للناس".
وأضاف أن هذا الأسلوب يؤتي ثماره، حيث "بدأت كوريا الشمالية في كسب اليد العليا" في حرب المعلومات المستمرة مع الجنوب.