ووسائل المواصلات في الدنمارك كثيرة متنوعة، فهناك القطارات التي تقطع البلاد شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، وتصل بين أحياء المدينة المتجاورة، وهي تعتبر الوسيلة الرئيسية للانتقال، وتعتبر هيئة المواصلات الدنماركية DSB)) من أنجح الهيئات وأكثرها تميزاً حيث تقدم الخدمة العالية للجمهور، فالقطارات فخمة، عرباتها أشبه بمقاعد الدرجة الأولى في الطائرات، الكراسي الكبيرة المريحة، الأبواب التي تفتح أتوماتيكياً بمجرد الوصول للمحطة وتغلق بعد ثوان، وإن كان يمكنك فتحها يدوياً بزر خاص، في كل محطة وكل رصيف لوحات ألكترونية متغيرة توضح الخط، واسم القطار، وتوضح عدد الدقائق المتبقية على وصول القطار، سائق القطار يعلن عن المحطة التالية قبل قليل من وصولها، في كل عربة توجد لافتة كبيرة توضح المحطات الكثيرة التي يمر بها القطار.
عند دخولك عربة القطار ستجد أمامك مباشرة حاملاً يحتوي على المطبوعات المجانية التي يمكنك اقتنائها والاطلاع عليها من ضمنها مجلة DSB Magazen التي تصدرها هيئة المواصلات نفسها، على يسارك ستجد حاملاً علقت عليه مجموعة من الأكياس يمكن استخدامها في تجميع النفايات. العربات جميعها مخصصة للركاب، ولكن بعض العربات ستجد على أبوابها الحمراء رسم كبير لدراجة باللون الأبيض، وهذا يعني أن هذه العربات مخصصة للدراجات، ويمكن للراكب أن يصطحب دراجته معه.
وفي القطارات لا يوجد كمسارية أو مفتشون، ولكن يمكنك شراء بطاقة ركوب من أي سوبر ماركت، تحتوي هذه البطاقة على عدد من المراحل Zoner، 2 زون أو 4 زون وهكذا ..، والبطاقة التي سعرها 80 كراون تكون صالحة لعشر سفرات بالقطار، وفي محطات القطار توجد آله صغيرة تدخل التذكرة بها فتقطع الآلة منها جزءاً صغيراً وتختم بجانبه تاريخ اليوم، وبذلك تكون قد قطعت التذكرة، وأصبح بإمكانك ركوب القطار للمنطقة التي تريدها، وإذا كانت المسافة التي ستقطعها أكبر يمكنك إدخال التذكرة في الجهاز مرتين أو ثلاثة حسب المسافة التي ستقطعها بالقطار.
هناك وسيلة أخرى للحصول على التذكرة حيث توجد في المحطات الرئيسية أجهزة الكترونية كبيرة، تضغط على الزر الخاص بالمحطة التي تريد الوصول لها، فيظهر على الشاشة المبلغ المطلوب، فتضع المبلغ في مكان معين في الآلة، فتخرج لك التذكرة، ويسقط باقي المبلغ في مكان خاص.
أما في حالة ركوبك القطار وعدم قيامك بقطع التذكرة، فإنه في حالة اكتشافك من قبل المفتشين الذين لا تراهم إلا نادراً فإنك ستدفع غرامة فورية قدرها 500 كرونا.
عندما رأيت القطارات الفخمة لا أدري لماذا تذكرت عربات الدرجة الثالثة لدينا، وكيف أن الناس ينامون على أرفف الحقائب، وأحياناً على أسطح القطارات، تذكرت السيدة المسكينة التي دخلت دورة المياة في أحد القطارات، فسقطت بها الأرضية إلى تحت القطار ..!، تذكرت حادثة قطار الصعيد التي راح ضحيتها المئات محترقين في مأساة درامية تضاهي مآسي سوفكليس.
ولكن للحق لم أجد في بلدي شيئاً يضاهي ذلك بل ويتفوق عليه إلا مشروع مترو الأنفاق الذي يعتبر الأفضل من جميع النواحي، فأحسست للمرة الأولى في خضم أيام القهر في الدنمارك بلحظة واحدة من الفخر والارتياح..
"الباص" أو "الأتوبيس" وباللغة العربية "الحافلة" أيضاً من الوسائل الشائعة هنا للانتقال، وهي وسيلة ذات تكلفة معقولة، وهي أيضاً لا تقل عن مستوى القطارات فخامة وأناقة، والباص أيضاً به مكان مخصص للدرجات وعربات الأطفال، يمكن للركاب ركنها بها ، ومن ثم الجلوس في المكان المخصص للركاب.
والباص يأخذ الشكل العادي المعروف لدينا دور واحد، ولكن هناك نوع من الباصات بدورين، دورين مغلقين، وأحياناً يكون الدور العلوي بلا سقف، يجلس الركاب فيه ويتفرجون على معالم المدينة منه، ولكن لا أدري ماذا يحدث لهؤلاء إذا سقط المطر.
والباص أيضاً لا يوجد به عامل تذاكر أو كمساري، فقط هناك آلة في مقدمة الباص تدخل فيها التذكرة المشتراة سابقاً فتقطع الآلة جزءاً من التذكرة وتختمها بتاريخ اليوم، أثناء هذه العملية يراقبك السائق، وإذا حدث وأن نسيت القيام بذلك يشير لك السائق بلطف.
أما إذا حدث وركبت الأتوبيس ولم تختم التذكرة فإنه في حالة ضبطك فإنك ستدفع غرامة فورية قدرها 500 كروناً كما يحدث في القطارات.
وللأتوبيس محطات كثيرة أنيقة تحتوي كل محطة على لافتة رأسية، بها لوحات توضح أرقام القطارات التي تقف في المحطة واتجاهاتها ومواعيد وصولها، كما تحتوي على خريطة للخط والمنطقة يمكن بواسطتها الاستدلال على الجهة التي يريد الراكب الوصول لها.