عادل نمير يكتب : صانع العرائس .. محمد محسن
الدكتور عادل نمير
ليتحدث سواي عن محمد محمد محسن الإنسان والطبيب، وعن وتديّته وحضوره المنتج في الوسط الثقافي بمصر عامة وبالإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة خاصة، وعن وعن ........
ولأترك هذا الحديث المنهك لأتطرق إلى محمد محسن الشاعر الذي لا أجد لتفرع وتنوع إنتاجه الشعري وصفا أقدر من قوله :
لا موضع في الشعر إلا داسه
شعري وخيل مشاعري الغراء
وهنا ارتدى ثوب الناقد لألقى الضوء على شاعر يأخذنا في جولة تفقدية إلى مصنع العرائس :
هذى عروسٌ صغتها من مهجتي
فمشاعري لحمٌ لها ودماءُ
يصنع عروسا إنما هي قصيدته الأثيرة، يصنعها من مهجته ويجرى وراء استكمال وصفها قائلا :
ألبستها فستان أخيلتى ..
وألواني كأن ثيابها لألاءُ
والخيال كما نعرف هو أول ما يصنع القصيدة، لا سيما إن تحدثنا عن خيالها في موضوعها العام
وبذلك تلألأت تلك العروس
ولألأت سماء من رآها :
وحشوتها لغة ووزنا واستعاراتٍ ..
وفكرا للوجود حُداءُ
فإن كان أفلاطون قد تناسى الشعراء من مدينته الفاضلة فان الوجود الذي هو تهويمات من الفوضى لا ينقصه بعد عناية الله سوى فكر شاعر ليحدوه ويهديه السبيل في التفاعل التأثيرى
بين المبدع و المتلقي ، ويكمل صانع العرائس :
طرزتها بملامحي وعناصري
حتى يقال لها من الحسناءُ
ملامحه هو وعناصره هو
أى ختمتها ببصمتى الشعرية ، وهو ما يدلك على أن هذا النص هو للشاعر (فلان )وهذا بعيد جدا
عن نظام (copy-paste) الذي ينتهجه شعراء كثر بشكل يجعل المبدع مسخا من ذاته .
والبصمة الشعرية هي التي جعت عروسه تسبى من رآها حتى إذا وقعت عيناه عليها فغر فاه ولم يجد تعليقا غير مقتضى الحال، تعبيرا قصيرا ( مين القمر ده) أو (من الحسناء) علي حد تعبير الشاعر .واختتم صورة عروسه الجميلة بقوله :
أبدعتها وولدتها قالت أنا
روح الجمال ووجهه الوضاء
أحببت بجماليون أحييت الجماد
كأنها والمعجزات سواء
ولنتوقف قليلا أو كثيرا عند ملامحه وعناصره
ألا تري أن البيت يصبح مبتذلا إن لم نستطع التفرقة بين الملامح والعناصر و هنا انتقل للتفرقة بينهما .
فالملامح أتصورها بما هو خاص بمحمد محسن ذاته خاص ب (س) أو (ص) بشكل لا نقول نادر بل قليل التواجد بشكل مجتمع فهناك عين عسلية كملمح وهناك أنف بارز كملمح آخر ، وشعر أجعد وطول فارع و......
لكن اجتماع هذه الملامح كلها في إنسان يشكل هيأته ألتى تفرقه عن غيره أما العناصر فهي أعم في الامتلاك فكلنا لنا أقدام وكلنا لنا أصابع وكلنا لنا دماء وان اختلفت هذه العناصر في جمالياتها من إنسان لآخر وهى كالأدوات في الشعر
خلاصة القول أن العناصر هي ما قد يأتي بها معظم الشعراء أما الملامح فهي ما يكون مستغلقا على الكثير
العناصر في شعر صانع العرائس و أتحدث فيها عن .. الصورة – اللفظة – استخراج المعاني اللطيفة- توظيف النحو فيما اسميه (البلاغة النحوية)
أما الملامح فأتحدث فيها عن .. المفارقة – الإدهاش –الانفتاح الدلالي – الروافد الثقافية
العناصر في شعر صانع العرائس ( الأدوات الشائعة) :
1- الصورة :
سقطت من أجفان سمائي شمس ما برحتني
يتكلم هنا عن صورة لصديق سقط من مكانته العالية ألتى كان فيها رفيقا للنجوم بل كان شمس سماء صديقه ولكنه للأسف مازال يسكن بمبدأ (العشرة مبتهونش) يسكن فكر الشاعر وذكرياته.
ولكن أخيرا
سقطت شمسا فارغة
حين تخلت عن صد جليدي
ومقاومة جيوش الغيم
وضنت أن ترسل بعض ضفائرها
أو تترك بصمة شرر في ذاكرتي .
ومن صور الشاعر أيضا
غيبوبة بحجم ألف ليلة وليلة
وبعدها تساقط القناع قطعة فقطعة
يرمز هنا لعرس كبير كان الضحية فيه (العريس) بلا وعى كأنه في غيبوبة
- ويقول :
هرولت نحوى يا قصيدة
كيف اهتديت لمهجتي
يا هرة عمياء تعرف وجهتي
كيف احتللت مشاعري فشحذت أوتاري البليدة
- ويقول عن القصيدة أيضا :
أكرر والقصيدة بين أحضاني طقوس الانتحار
مرأرأ أدعو دمي الثرثار أن تنساب بعض جحافل الأشعار
2- اللفظة :
أ – يعتني د. محمد محسن باستخدام الألفاظ ال (fabricated ) التي لم يخدش حياءها بهذا التصرف أحد قبله فمثلا عندما يصف شيئا تشبث في مكانه يقول ( تتمترس) من المتراس،
و( تتبأور) من البؤرة أو حينما يتكلم عن ما فعله القدر في صفحاته المطوية يقول انه (يٌبَستن)
وكما قال د. محمد زكريا عناني – الناقد الكبير- عن هذه الكلمة في شعر محمد محسن يقول احترت هل هي كلمة أعجمية أم عربية ولكن أعتقد أنها عربية مشتقة من البستان، قال ذلك في تقييمه لديوان( انعتاق إلى القيود) لمحمد محسن قائلا – ياله من عنوان-
ب- استخدام اللفظة المعجمية فيما يعده درسا لغويا
وأظن هنا إننا بصدد واحد من هؤلاء الذين يجعلون لأنفسهم وردا يوميا لأحد المعاجم يقول :
-وليدي خشعتى شعري أيحيي موتنا عيسي
يتكلم عن الولد الخشعة وهو غير مكتمل النمو حين ولادته
ويقول :
ونبض عن القلب من حلأه .
وحلأ الشئ أو على الأصل (حلأ عنه ) أي حال دون الوصول اليه ،وهو هنا جعل الفعل متعديا لمفعول مباشر هذا من الكلام البليغ شاهده في القرآن ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم )
ج – وقد يؤدى إصراره على استخدام لفظة بعينها في الدرس اللغوي إلى أن يقدم ويؤخر في البيت حتى لا يستصعب المعني :
فهل صار الفؤاد بلىً وشلوا منه ميؤسا
يقصد ( من بلى الشئ فهو بال أو مهترئ) وهل صار شلوا( مفرد أشلاء) ميؤسا منه.
د – استخدام ألفاظ المهنة :
مثل الفورمالين والأوكسجين والشريان التاجي والأبهر وهى كثيرة جدا وموظفة في موضعها
هذا بخلاف استخدامه لمعلومات طبية في القصيدة التي تحمل موضوعا طبيا وغير استخدام التعبير الطبي في سائر القصائد يقول:
إذا استنسخوا مثل دوللى ... أيستنسخون الشجاعة ؟
3 – استخراج المعاني اللطيفة :
مثاله حين يقول: و صناعة نجم أسهل من صنع حذاء
أو يقول: أحبيني يرق القلب كالأوراق للموسى
أو : فلتحمدي الله الذي أهواك
في مهجتي وقضى بان أهواك
أو : خلقت من فيك الرضاب وشهد
ودعوت ثغري كي يقبل فاك
أو: إن كان مسّك من غرور فانظري
في صفحة المرآة بعض شفاك
فلا أنت سيدتي ورغم قداسةٍ
أهواك جارية لدى مولاك
حبي أنا الأيدي التي صقلته لولا ..
نارها لصدئت في مثواك
4 – توظيف النحو :
وهنا أتعرض لما أسميه نحو ما بعد النحو وهو عندما يتعدى التركيب النحوي دوره ألقالبي ليدخل في ضوء الدور التعبيري الإبداعي بانفتاح دلالي للفظة أو لتعبير ما فيقول مثلا :
لأن نزيفيَ ليس دماءً
دعيتي أنزفْ لكي أستريح
ويكررها مرة أخري بصيغة
دعينى لأنزفَ كي أستريح
الفوارق بين التعبيرين الأخيرين نحويا أربعة فوارق وهى
جاء في الأولي دعينيَ بضرورة تحريك ياء المتكلم بالفتح وفى الثانية دعينى بإسكان الضمير
أنزفْ مجزوم في جواب الطلب ، لأنزفَ لام تعليل كفارق مع نصب الفعل كفارق آخر
لكي لام قبل كي ، كي فقط
وأسأل قبل أن تسألني هل لو رأيت التعبيرين معا في قصيدة هل كنت تستغرب وجودهما معا وهذا مؤكد
أم هل كنت تستوعب السبب وان لم تستوعبه فهل تطالب بحذف احدهما وأبهما تحذف ؟
والسؤال الذي ستسألني إياه ما الفارق بينهما تعبيريا و الجواب
الأولى: دعينيَ أنزفْ أي سأنزف أمامكِ ولكن أرجوك أن تدعيني حتي أحقق مرتدى في الامتثال بين يديك نازفا وهنا استريح أما الثانية فهي دعينى لأنزفَ أي أتركينى قليلا وابتعدي عن ناظري فأنا بهذا سوف أنزف وأستريح ....أرأيت ؟
وعندما يقول :
تأتين بالنيران طائرة لتنطفئ ..
بأعماق الشعور المستكين
وتستبيني من دمائي القاحلة
فقد تمر علي آذان وأبصار كثر لفظة مثل( تستبيني) مرور الكرام لكن يلاحظ القارئ والسامع اللماح أن هذه اللفظة لها معنيان وكلاهما وارد( وهذا لا يحمل مراد التورية) .
فهي إما بمعني أنت تأتين لتستبيني أي لتتجلي وتبدي (من استبان يستبين ) لتستبيني من دمائي
وهي أيضا بمعني أنت تستبيني أي تأخذيني في سباياك (من استبى يستبي ) لتستبيني من دمائي
وكلاهما كما ترى وارد وكلاهما جميل ولكن الملاحظ أن هذه اللعبة وهذا التمكن لا يمكن أبدا الحصول عليه إلا بشرطين وقد تحققا في التعبير أولهما هو حذف نون الفعل المضارع بجازم أو ناصب ( كما في التعبير)
وثانيهما هو إسناده لضمير واحد فقط هو ياء المخاطبة دون سائر الضمائر وهذه لعبة صراحة لا يأتي بها إلا من يمتلكون زمام اللغة.
الملامح في شعر صانع العرائس :
1 – المفارقة
وهى موجودة علي المستوي الانسانى ولا سيما المستوي الإبداعي، فمحمد محسن الذي قال في مباشرة شديدة :
هي امة الإسلام كم ذا أنجبت من خيرة العلماء والقواد
أمم رجال شرفوا تاريخهم من كل صديق و من جواد
هو نفسه الذي سيقول عن التفاحة التي تتعري
أتأملها راجفة .. أتمني أن أقضمها ..وأغوص بنصلي للمجهول
- يقصد بتفاحة الألم أنثي تأتيه كطبيب بجمالها وربما بأشياء أخري قد يختلي بها في غرفة فحص فيتمني كبشر (رغم أنه لا يفعل ) أن يلمسها أو يتلذذ بجمالها أو حتي يقضمها أو أن يعمل نصله
هو نفسه محمد محسن الذي يستكين ويخضع ويستسلم :
وأصب عذاباتي في قمقم وجدي
فدموعي تحرق مملكتي .. إذ تفضحني
وعذابي يتضخم لو يعرفه الناس
ثم ها هو يمتطي جواد نفسه العالية ليقول عن رفعته عن منزلة تلك الحبيبة التي لا تستحقه
النسر حط من السماء بزهوه فجفا الزهور وحن للأشواك
وهو الذي يستخدم المفارقة علي المستوي الإبداعي في قوله
وقلدوك علي عروش الوهم قردا من ذهب
وفي قوله :
لسنا غزاة .. جئنا لتحرير الشعوب من الحياة .
فكلوا هنيئا نعمة الخبز المشع ..وخزنوا السرطان في ذراتكم
لنري الأحبة ميتين مشوهين ..تقر أعيننا ونحيا في الوفاق.
فأنا الرئيس ولست منتخبا حمار
هاتفي المحمول مجانا لكل العاشقين
نحن والألغام للإسلام دوما في اشتياق ... أحبتي شعب العراق .
وفى قوله :
وتروسا ملساء
وفى قوله :
حطمت من حولي المرايا ..
هاربا من وحدتي
وزحام سجني الانفرادي ..
المعتق في الخلايا
لا تلوموني ..
أنا وجهي المهشم صار مليونا
يحاصرني .. وتنهشني الشظايا .
رأي نفسه في سجن انفرادي مزدحم ؟؟ بالهموم وان خلا من المُرافِق والمَرافق أو مزدحم ربما بإطراءات الآخرين وبالذات المتضخمة أو..أو....... ، فقام بعد انغلاقه علي نفسه بتحطيم المرايا والتي هي أيضا مكون لا يتواجد في سجنه الانفرادي ولكنه يستدرك ليقول (المعتق في الخلايا ) ولما قام بهذا العمل ازداد الطين بلة وأتت الرياح بما لم تشته سفنه فلا تلوموه
وفي قوله :
جرحي يؤلمني حين أريد
ولما أتمرد .. يصبح خدشا فوق جليد
ما أشهي الألم ..إذا سواني إنسانا بعد حديد
2 – الإدهاش
وأنا أراه صورة أعلي من المفارقة ولا سيما إذا استخدم كخاتمة لقصيدة حبذا لو كانت (ايبيجراما) وهى قصيدة الومضة القصيرة المضغوطة فيقول :
عيناك أوحتا إلي الزناد .. مستا الفؤاد
فانطلقت في المدى قصيدة .
القصيدة لا تنطلق في المدى كما أن الزناد لا يعمل بمجرد الإيحاء ، فكأنه أراد إن عينيها بما لها من جاذبية وتأثير على الموجودات يكفيها فقط إن توحي بقول أو بإيماءة :
يا زناد الحب اصب محمد بن محسن فيطيعها الزناد مذعنا ويا أيها القلب سأمسّك
فكيف إذا خدشاك فأطلق في المدى شهقة قصيدية لا تنتهي
ويقول :
جيوش من عيونك قاتلتني ..
كإطلاق الحمام علي الرصاص
هل الحمام هو الذي يطلق ..
جيوشا علي الرصاص؟
هذه هي صفات الشاعر الذي يخلع علي الأشياء صفات ليست فيها ويردف بالبيت الآخر :
فعدت شهيد أشواقي إليها
وآب لواحة الإيمان عاص
فما أجملها من خلخلة للثوابت ويقول
وأنى لا أري في الحب
إلا أن يكون النهر مشتاقا إلي الظمآن
معناه إن لم تكوني أيتها الحبيبة نهري المشتاق لظمآن شعوري فلا أهلا بحبك
3-الانفتاح الدلالي :
أتحدث أنا الآن عن قصيدة أعدها أجمل ما قرأت له إن لم تكن أجمل ما قرأت في حياتي
وهي المروق في البرق يقول بعد مطلعها :
وغزوة الفتح انتهت... بفارس
يفتح أبواب المدينة ..
ويعتلي قلاعك الحصينة
لتصبحي في لحظة ... منتصر ه.
ـ ماذا يقصد بذلك ؟ ولكن بالعودة الي مطلع القصيدة نجد انه يقول :
تذاوبي في لحظة ..
لا تصطلي في العمر إلا مرّة
وعانقيها حلوة ومرّة
فما هي هذه اللحظة التي تتذاوب فيها الانثي بل تصطلي وتشعر فيها بالمر قبل الحلو، إنها لا شك ليلة الزفاف والفارس الفاتح الذي أهدي إليها الألم والمتعة وفي النهاية أصبحت منتصرة وعندما سمعت منه هذه القصيدة لأول مرة تراءي لذهني انفتاح آخر ليس علي المستوي المرئي ولكن علي مستوي أدق وهو المستوى ألمجهري.
والحقيقة أنه فوجئ بهذا ولا عيب في ذلك فالنص الجيد الذي يولد أكثر من مرة بعدد مرات انفتاحا ته الدلالية
فالانفتاح الثالث- أخي الكريم- والذي هو علي المستوي ألمجهري هو ان واحدا فقط من ضمن ملايين الامشاج الذكرية تستطيع إن تقتحم أسوار هدف منيع هو البويضة الأنثوية ليتم بذلك التلقيح وهنا يتم لهذه البويضة مهمتها لتصبح بمفارقة شديدة في لحظة منتصرة بعد غزوة فتح وأريد أن أتوقف في هذه القصيدة عند شيئين آخرين.
1- الحديث عن موضوع شائك في حد ذاته لكن في صورة غير جارحة ولا مبتذلة.
2- دور العروض في دائرة (عروض ما بعد العروض )ومنطلقا من نظرية الوصل والفصل التفعيلي فكلمة (بفارس) أتت هنا منفردة من وزن (مفاعلن) o//o//
لتؤكد معني التفرد والتوحد وكذلك كلمة (منتصرة) جاءت مفصولة عروضيا لأنها التي تحمل معنى المفارقة المطلوبة
4-الروافد الثقافية:
يتميز صانع العرائس بتنوع روافده الثقافية ، وهكذا من يريد ان يضع قدمه في ركاب الشعر تجرأ علي أي علم في الوجود فبعيدا عن الثقافة الطبية -مجبرا أو بطلا -
نجد أن محمد محسن يتمتع بروافد أخري يتكئ عليها أهمها التراث الاغريقى والتراث العربي الجاهلي أو الإسلامي فضلا عن توظيف مصطلحات عصرية قد يري البغض خجلا من ذكرها في الشعر
-الطب : بعيدا عن اللفظة الطبية نتحدث عن الإسقاطات الطبية والحديث عن موضوع طبي جامد بلغة شيقة فكيف يأتى به في الشعر شلال الشعور ؟ ..فيقول :
قلبي المجمد حين ينقله الطبيب الي مريض آخر
كي يكمل العبء الثقيل
فيا تري هل مالك القلب الجديد سيشتهيك حبيبة؟
ولا تحتاج هذه الومضة إلي ناقد فربما أفسدها ، وننتقل إلي قصيدة بأكملها حينما يتحدث عن الزائدة الدودية كعملية جراحية :
جفف أو شغل شفاطا
وافصل هذي العضلات المرتخية في بحر التخدير (لم يأتي حتي الآن بجديد وهو طبيب محض )
هذى الفجوة أعمق من ظلمات الجب
وأخطر من ادمان الحب .. فدع الفتنة نائمة (هو هنا شاعر يتنفس الصعداء ويغلق الجرح وينهي القصيدة )
ومن ذلك قوله :
كباحات القلب المهترئة لا توقفه
فكما في السيارة الكباحات أو الفرامل لا توقف سرعة دقات القلب المضطربة
ومن روافده الثقافية يقول :
علقت عيني في الآفاق زرقاء اليمامة
فهو يقلب الآية ويقول انها هي التي علقت عينيه ويسأل بعدها
هل تراني مثلما دوما أراها
نقطة في البعد أو في القلب
وكذا استخدامه للرمز الشجاعي (عنترة العبسي) :
عجبا لعبس جهلهم حررتهم
فدعوك عبدا أسودا ما أحقره.
اجتر شعرك فالمفاخر كلها
في عالم الديسكو هراء ثرثرة
سقطت من الأفلاك شمسك حينما
سرقو من العقد الثمين الجوهرة
أوددت تقبيل السيوف أم الصواريخ
الرهيبة والقنابل ممطرة
قبل ثري بغداد غزة إنما
ثغر الحبيبة مزقته المجزرة
ومنه استخدام التراث الإسلامي ومحاولة التجديد فيه فكلنا قرأ دالية الرقيق يزيد بن معاوية وعنوانها (وأمطرت لؤلؤا).. قارنها بومضة محمد محسن و عنوانها (أمطرت لؤلؤا) حيث يتحدث فيها عن تكون اللؤلؤة حين تخدش حبة من الرمل قلب المحارة فيقول :
حبة الرمل جرح بقلب المحار
أمطرت لؤلؤا عند قاع البحار
وهذا بالضبط ما فعلته البنت الشقية :
وأنت جرحت الفؤاد الصموت .. وسافرت شمسا بعيدة
و قلبي لكي لا يموت .. تكور حول هواك
ليصنع لؤلؤة هي أنت .. ويشدو لعينيك أحلي قصيدة
ومن الإسقاط القرآني :
والغربان انقرضت يا ويلاه.. فكيف أواري قلبي
أو أنفخ روحا من روحي فيه ..
ومن ذلك قوله :
أكلوها ومضت كل الأجيال
لماذا جئت أنا .. كي أدفع عنهم ثمن التفاحة
ومن استخدام الأساطير الرومانية واليونانية أيضا :
سيزيف لم يزل مبعثرا على السفوح والقمم
معلقا بين القنوط والألم
وصخرتي.. مدينتي .. دماؤها بداخلي
ولم أزل سجين سورها العتيق .
ولابد أن نختتم هذه الإطلالة فمازال هناك الكثير والكثير من إشعار د.محمد محمد محسن وقصائده التي لا تحصى، فتحية وإجلالا لشاعر أجبرني شعره علي الكتابة عنه وننتظر المزيدعن صانع العرائس.
صهيل
إستطلاع
مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
نعم
69%
لا
20%
لا أعرف
12%
|
المزيد |
افضل مافى الويب
خدمات