تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



عبدالعزيز شرف يكتب : أغنيات إلى سيدة الحسن تجربة شعرية جديدة


الدكتور عبد العزيز شرف


عيناكِ عيونٌ عربيهْ
 ومروجُ رياضٍ صبحيهْ

تزدانُ بتعريشهِ زهرٍ
وروائحَ عطرٍ قرويَّةْ

أبصرتُ بدنياها وطني
وشوارعَ بلدتِنَا الحيَّهْ

ورأيت بكلتيها نهرًا
يرسل أقواسًا قزحيةْ

يسرى كالضوء أصاحبه
بليالي السهر ألقمريهْ

بهذه الأبيات يستهل الشاعر الأمير كمال فرج ديوانه : " أغنيات إلي سيدة الحسن " التي يرى في عيونها العربية, وطنه, ومروج الرياض, وهو يدرك مع صاحب " طوق الحمامة"
أن العين هى مفتاح الأبواب إلى القلب, وأبلغ الحواس وأصحها دلالة وأوعاها عملاً, وهي "رائد النفس الصادق, ودليلها الهادي, ومرآتها المجلوة التي بها تقف على الحقائق و تميز الصفات, وتفهم المحسوسات " .
وإن كان "بشار " قد رأى أن " الأذن تعشق قبل العين أحياناً ", فإن "ابن حزم" يقول :

فليس لعينى عند غيرك موقفٌ
كذلك ما يحكون من حجر البُهْتِ
 
أصرّفها حيثُ انصرفت وكيفَما
تقلبتُ كالمنعوتِ في النحوِ والنعتِ
والشاعر الأمير كمال فرج يرى في عيون حبيبته "نهراً يرسل أقواساً قزحيّة, يسري كالضوء يصاحبه, بليالي السهر القمرية" ويسبح مع تيار النهر، فيقدم لنا تجربة شعرية جديدة, أشبه بالسيرة الذاتية حين تصفو فتغدو شعراً, في  لحظات إشراقية, يواجهها الشاعر بوعيه النقدي المتقد, ليجعل منها هذا العمل الفني المتسق, المتوازن, حتى لنذهب مع "مالرو"  إلى أن "الفن ليس أحلاماً, بل الفن تنظيم للأحلام". وهكذا صنع الشاعر في "أغنياته إلى سيدة الحسن".
والشاعر الأمير كمال فرج, يبتكر أسلوبه الشعري في سياق الرصيد الفني للقصيدة العربية, الذي يسر له الإبحار في رحلة العيون العربية, على الصعيدين الذاتي, والقومي, الخاص والعام و لم تكن السيرة الذاتية يوماً مجرد مرآه تعكس الحقيقة, أو مجرد محاكاة تقتصر على ترديد الواقع, بل كانت دائماً أبداً– كما يقول جوته - : "شعراً و حقيقة" و كما يقول الأمير كمال فرج :
 
والشَّعْرُ ضياءٌ يغمرني
يضوى في فرحٍ كالذَّهبِ

أو كما يقول في خماسية أخرى :
و الليل سيرحلُ عكره
وشعاعُ الحبَّ هو الباقي

وهكذا تتحول "أغنيات إلى سيدة الحسن" إلى سيرة ذاتية لقلب الشاعر, الذي يعود دائماً إلى الإنسان يستلهمه, وبصوره, تصويراً تجسيميًّا يطبع صوره الشعرية بطابعة, حتى لتغدو القصيده عالماً من الصور الشعرية المتميزة، فيعود الشاعر – من خلالها – لدرب المحبوبة، وواحة حبه، كالطير يعود إلى الشجر، ويراها قمراً, ويرحل إليها، ويقاوم لي الغربة، ونجوم الأفق حوله، ويمشى فوق الطرقات يتبعه ظله، ويرى نفسه "عصفوراً في المنفي .. صادرت الأحزان لحونه"،  و"البحر يغنى لليل"،  و"القمر العاشق يتوضأ ليلاً ويصلي".
ويواجه الشاعر فصول القلب الأربعة، وهو يحطُّ " قرابينه, ويغنى جسر الليل"، ويعلن أن "الحب هو التميمة" والضياء، ونبع الأناشيد والفن، والغناء، يسكب الشمس برونقه، ويذيع أسراره، فلا يملك الشاعر إلا أن يرسل "موَّاله" مستلهماً تراثه الشعبي في رحلته إلاشراقيه، إلى أن يرى محبوبته – هي الأخرى – "تشدو موالاً للحب علي باب الخيمة" .
"والموال" في الرصيد الشعبي، حين يستهله الشاعر في ملحمته "الغنائية"، يكشف لنا عن سمات فنية يتميز بها شعر الأمير كمال فرج، يوظفها للتعبير عن حساسية جمالية، لا تنظر إلى الواقع إلا لتتجاوزه بها في تشوُّف إلى الأعلى، متوسلاً بلغة الأحلام – على حد تعبير أستاذنا د. خفاجي – وكأنه هنا يقول مع "روسو": "لو تحولت أحلامي إلى حقائق لما اكتفيت بها، بل لظللت أتخيل وأحلم ولا تقف رغبتي عند حد، لأني لا أزال أجد في نفسي فراغاً لا يُشرح ولا يملؤه شئ.
إنه نوع من انطلاق القلب إلى مصدر متعة لا علم لي بها، ولكني أحس بحاجتي إليها، بل إني لأجد في ذلك الانطلاق نفسه متعة، لأنه يغزو جوانب نفسي بشعور قوي كل القوة، وبحزن عميق يجتذبني إليه حتى إني لا أرد أن أُحرمه".
وحسبنا أن نقرأ للشاعر الأمير كمال فرج هذه الأبيات التي يقول فيها محدداً منهجه الفني، في الإبداع الشعري:
 
معذرةً يا قلبي إنَّي
كَلفٌ بالحسنِ وبالفَنَّ

كالطيرِ أعيشُ بلا كَلَلٍ
أتنقلُ دوماً في الغصنِ

أصفُ الأكوانَ وأرسمها
رسماً بالريشةِ واللَّونِ

بالشَّعْرِ كتبتُ أحاسيسي
وعزفتُ لعينيها لحني

فالشعرُ بشارتُنَا الكبرى
في دنيا الفرقةِ والغُبْنِ
وكأن الشاعر هنا يتفق مع "نوفاليس"، حين قال: "ربما كان من الصواب القول بأن ظهور شاعر في هذا العالم يكون لحكمة يشاؤها القدر. لأن الشاعر يملأ قدس أقداس الوجدان بأفكار جديدة عجيبة محببة، إنه يعرف كيف يثير فينا تلك القوى الخفية الكامنة فينا كما يشاء، ويمنحنا عالماً مجهولاً رائعاً نستوعبه من خلال الكلمات، إن العصور القديمة والمقبلة، وجموع البشر التي لا حصر لها، والأماكن الجهات العجيبة، والمشاعر والإحساسات الغريبة تتصاعد كلها في نفوسنا، كأنها تخرج من كهوف عميقة، وتنتزعنا من براثن الواقع المألوف، إننا نسمع كلمات غريبة، ولكننا نعرف مع ذلك ما تدل عليه،حِكَمُ الشاعرِ تؤثر فينا بقوة سحرية، كذلك تخرج الكلمات المألوفة في ثوب من الأنعام الخلابة فتسكر المستمعين المأخوذين بسحره".
و"أغنيات إلى سيدة الحسن" تؤكد لنا أن الشاعر حين يعانق "قيثارة في الليل، ويغني لحن الأقمار"، إنما يجيب عن التساؤل المطروح حول جدوى الشعر في هذا العصر.. عصر الأقمار الصناعية. وهذا التساؤل – كما يقول الناقد الشاعر د. سعد دعبيس – إنما يرجع إلى "توهم بعض الباحثين أن هناك تناقضاَ بين التطور العلمي الرهيب الذي يخضع لقوانين غير تلك القيم الجمالية والقيم الروحية التي يخضع لها الأدب والفن".
وأشير إلى دراسة لأستاذنا العقاد، رحمه الله بعنوان "ثاميرس – أو – مستقبل الشعر"، يناقش فيها الرأي القائل بأن الشعر مُدْبٌر في هذا العصر، بدعوى أن الشعر كان يُغَنَّى في الزمن القديم، ثم بَطُلَ الغناء، فرتلوه، أو ترنموا به، ثم بطل الترتيل والترنيم، فألقوه، ثم بطل الإلقاء، فقرأوه في المحافل أو الكتب، وذهبت منه طلاوة الموسيقى، وفقد سحره القديم في الأسماع.
والسبب الآخر أن الطبائع في العصور الحديثة تنكر الحماسة الشعرية وتسخر منها لاستغراقها في الواقع "الريالزم" وثورتها القريبة على أخيلة القدماء. ويذهب العقاد إلى أن هذا الرأي مبالغ فيه بالنسبة لمستقبل الشعر، فيقول : "وهنا يبدو لنا وجه الغلو في قول القائلين إن الشعر يبطل اليوم وبعد اليوم لبطلان بواعثه ودواعيه، إذ كيف يسعنا أن نكون جادين في القول إن الناس لا يحسون اليوم كما كانوا لا يحسون بالأمس، ولا يحبون ويبغضون، ولا يرجون وييأسون، ولا يرضون وينقمون، كما كان ذلك دأبهم، وكما يكون ذلك دأبهم في كل حين وبين كل قبيل".

ـ نشرت بصحيغة "الأهرام"
تاريخ الإضافة: 2014-05-06 تعليق: 1 عدد المشاهدات :1683
2      0
التعليقات

اسماعيل كريم (زائر)

2017-02-23

يتناول الناقد الشاعر فنيا ويضيئ بأقواس القزح على سقسقة قصائده مستشهدا ببعض الشواهد التي تتراوح موسيقاها بين خرير النافورة المنتظم وسقسقة سواقي القرية وبين تداخل الألوان بين العصافير والأغصان . سمعت، شاهدت وسرحت مع اطفال روضة يغردون بسيدة الحسن"لسيدةالحسن"بوركت جهودكما معا
.
966


إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات